باب قتل ذي الرحم المحرم
قال: ولا بأس بأن يقتل الرجل من المسلمين كل ذي رحم محرم منه من
المشركين يبتدئ به إلا الوالد خاصة فإنه يكره له أن يبتدئ والده بذلك وكذلك جده من
قبل أبيه أو من قبل أمه وإن بعد إلا أن يضطره إلى ذلك لقوله تعالى: {وَصَاحِبْهُمَا فِي
الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}
لقمان: 15 فالمراد الأبوان إذا كانا مشركين بدليل قوله تعالى {وَإِن
جَاهَدَاكَ} الآية لقمان: 15 وليس من المصاحبة بالمعروف البداية
بالقتل وأما إذا اضطره إلى ذلك فهو يدفع عنه نفسه وهو مأمور بالبداية بنفسه في
الإحسان إليها ودفع شر القتل عنها أبلغ جهات الإحسان ثم الأب كان سبباً لإيجاد
الولد فلا يجوز للولد أن يجعل نفسه سبب إعدامه بالقصد إلى قتله إلا أن يضطره إلى
ذلك فحينئذ يكون الأب هو المكتسب لذلك السبب بمنزلة الجاني على نفسه على ما هو
الأصل أن الملجأ بمنزلة الآلة للملجئ ولهذا لا يحبس الأب بدين الولد ويحبس بنفقته
لأنه إذا منع نفقته فقد قصد إتلافه ثم استدل محمد رحمه الله في الكتاب بما روى:
أن حنظلة بن أبي عامر وعبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول رضي الله عنهما أستاذنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتل أبويهما فنهاهما عن ذلك وعن عمير ابن مالك رضي
الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله! إني لقيت أبي في العدو فسمعت منه مقالة
لك سيئة فقتلته فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي هذا دليل على أنه لا يستوجب
بقتله شيئاً إذا قتله لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره بشيء والسكوت عن
البيان بعد تحقق الحاجة إليه لا يجوز وأول الوجوه أن لا يقصده بالقتل ولا يمكنه من
الرجوع إذا تمكن منه في الصف ولكنه يلجئه إلى موضع ويستمسك به حتى يجيء غيره فيقتله
روي في الكتاب حديثاً بهذه الصفة قال: فهو أحب إلينا فإما إباحة قتل غير الوالدين
والمولودين من ذي الرحم المحرم من المشركين فقد بيناه في الجامع الصغير وبالله
التوفيق
.